كشف تقرير للاستخبارات الفرنسية عن أدق تفاصيل الحرب التي شنتها دولة الاحتلال الإسرائيلي على لبنان صيف 2006 في أعقاب أسر حزب الله لجنديين إسرائيليين في يوليو من نفس العام.
ويقول ملخص التقرير الفرنسي الذي ترجمه الباحث والصحفي الأمريكي المتخصص في الشئون الأمنية، برايان هارينج ، إن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "موساد"، على علم مسبق باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، كما ظهر لاحقا في تقارير إعلامية عديدة، كان أقربها تلك القنبلة المدوية التي فجرها الكولونيل أمان رؤفين أرليخ الضابط بالمخابرات العسكرية الإسرائيلية باعترافه بان اسرائيل غضت النظر لاستغلال ذلك لاحقا..
ويشير التقرير في هذا الإطار إلى أن الولايات المتحدة أخبرت إسرائيل بأنها لن تكون قادرة على مدها بالقوات الأرضية نظرا لورطتها في العراق ، وإنما "ستزودها بمختلف أنواع السلاح والذخائر، بما في ذلك القنابل التقليدية والعنقودية والذخائر الحربية اللازمة للعملية المخطط لها".
وكشف التقرير الفرنسي أن الإسرائيليين تعرضوا لعملية خداع كبرى ، حيث كانوا يتلقون معلومات مضللة وخادعة من مصادر في المخابرات الروسية عن مواقع حزب الله وقواته العسكرية.
خسائر إسرائيل
يشير التقرير الفرنسي إلى أن خسائر إسرائيل الحقيقية هي كبيرة إذا ما قورنت بما صرحت عنه الحكومة الإسرائيلية رسمياً، ..
وبشأن المدمرة البحرية الإسرائيلية "ساعر 5" التي أصابها مقاتلو الحزب بتاريخ 14 يوليو، ذكر التقرير أن عدد الضباط والجنود الذين قتلوا فيها بلغ 24 ضابطا وجنديا ، وليس أربعة فقط كما ذكر في حينه .
فيما يتعلق بالخسائر العسكرية أشار التقرير إلى أن مجموع الدبابات وناقلات الجنود الإسرائيلية التي دمرت تدميرا كاملا في الحرب بلغ 65 دبابة وناقلة جنود دمرت بشكل كامل ، منها 38 من طراز ميركافا دمرت بالصواريخ المضادة للدروع، بينما دمرت 15 دبابة بالعبوات الناسفة المزروعة في الأرض .
أما عدد الدبابات وناقلات الجنود التي كانت إصاباتها بالغة جدا فبلغ 93 دبابة وناقلة جنود، وبشأن الذخائر التي استخدمتها إسرائيل خلال الحرب ، كشف التقرير عن أن الطيران الإسرائيلي نفذ 12 ألف غارة جوية .
أما القوات البحرية الإسرائيلية فاستخدمت 2500 قذيفة وصاروخ ، بينما استخدمت القوات البرية مئة ألف قذيفة .
فيما يتعلق بخسائر لبنان أشار التقرير أنها كانت في أغلبيتها الساحقة ذات طبيعة مدنية ، حيث بلغت نسبة الأطفال الذين قتلوا ، ممن هم دون سن الـ 13 عاما ، ما نسبته 30 بالمئة من مجموع الضحايا، ودمرت إسرائيل أيضا ما مجموعه 400 ميل ( حوالي 600 كم ) من الطرق ، و 73 جسرا ، و 31 هدفا مدنيا مثل مطار بيروت والموانىء ووحدات معالجة المياه العادمة ( الصرف الصحي) ، و 25 محطة وقود و 900 محل تجاري و 350 مدرسة ومستشفيين و 15 ألف منزل ، بينما تضرر 130 ألف منزل بأشكال مختلفة.
اعتراف إسرائيلي
كان القائد السابق لسلاح الجو الإسرائيلي الجنرال إلياهو بن نون اعترف في تصريحات صحفية سابقة، أن جيش الاحتلال خسر حرب لبنان الثانية وأنه إذا لم يستخلص العبر والنتائج من هذا الفشل فانه حتما سيخسر المواجهة العسكرية القادمة التي سيخوضها.
وانتقد "بن نون"، رئيس هيئة الأركان العامة السابق في الجيش الجنرال دان حالوتس .. وقال " إنه عمل خلال الحرب لوحده دون أن يتمكن من تشكيل طاقم أمين وصادق إلى جانبه .. وبالتالي فانه لم يكن يعلم العديد من الأمور التي تجري على أرض المعركة".
وأشار إلى أن الأوامر في سلاح الجو الذي كان حالوتس قائدا له تختلف جوهريا عن باقي الوحدات العاملة في الجيش .. متهما القادة العسكريين في الجيش الإسرائيلي بأنهم أخفوا الحقيقة عن حالوتس.
وأضاف " إنه بالإضافة إلى مشكلة حالوتس فقد كانت هناك قضايا أخري لا تقل أهمية ومنها علي سبيل المثال أن الجنود الذين تلقوا الأوامر بالدخول إلى لبنان لم يكونوا يعلمون إلى أين هم ذاهبون .. واعتقدوا أنهم في رحلة أمنية وليس في حرب حقيقية".
واتهم بن نون الصحافة ووسائل الإعلام بأنها أفشلت الجيش الإسرائيلي حيث أنها كانت تصور وتنشر الأنباء في موعدها الحقيقي .. وتقول للجمهور من قتل ومن أصيب وكم هو عدد القتلى والجرحى .. بالإضافة إلى ذلك سمحت قيادة الجيش لوسائل الإعلام بتصوير القوات الإسرائيلية وهي تتحضر للدخول إلى لبنان وهذه الأمور مجتمعة سببت أضرارا معنوية كبيرة لإسرائيل ولجيشها.
وطالب صناع القرار في تل أبيب بتفعيل الرقابة العسكرية بصورة شديدة للغاية لأنه اذا قامت وسائل الاعلام بلعب نفس الدور الذي قامت به خلال حرب لبنان الثانية فان إسرائيل ستخسر الحرب القادمة كما خسرت حرب لبنان الثانية .. مشيرا إلى أن إسرائيل خسرت الحرب مع حزب الله حتى قبل أن تبدأ.