آخر الأخبار

يا رب تيجي بعينو (1)

يروى أن صيادا خرج لممارسة هوايته في الصيد ببارودة الدّك إياها ما غيرها (حيث تقول مطربة لبنانية... ألعلها الشحرورة صباح؟ هي تقول: "بارودة أوتوماتيك أحسن من بارودة دك، عندك شك؟ تيكي تيكي تك!")،

نقول:
ثم إن هذا الصياد شاهد طريدة -يعني عصفورا- و رغب أن يصطادها -يعني أن يصطاده- فقام بدكّ بارودته بالبارود و أضاف إليها خردقة واحدة (و هي عبارة عن حبة رصاص يتراوح قطرها ما بين واحد و اثنين مليمتر، لعن الله الثلاثة) ثم صوب باتجاه العصفور و هو يقول:
"يا رب تيجي بعينو" (يعني: اللهم اجعل حبة الرصاص الوحيدة هذه تصيبه في عينه!).
ثم أطلق النار... و سقطت الطريدة.

فذهب كي يتفحصها فلاحظ أن حبة الرصاص إياها أصابت العصفور إياه تحديدا في عينه...

فماذا نستنتج؟

هناك استنتاجان ممكنان -لعن الله الثلاثة...

1- فإما أن نقتنع أن الله موجود -يعني هو ليس كائنا خرافيا- و أنه حاضر ناطر بخدمة هذا الصياد و أنه ينفذ طلباته...

2- أو أن نستنتج أن هذا الصياد هو رام ماهر، و أن نجاحه في إصابة العصفور في عينه هو نتيجة مهارته في التسديد و لا إله و لا هم يحزنون!

أيا كان استنتاجنا، فلا شك أن هناك استنتاج إضافي: هذا الصياد سيصطاد أي طريدة يرغب بها: فإما لأن الله موجود و يساعده في عملية الصيد، و إما لأنه، و بغض النظر عن وجود الله، فهذا الصياد هو صياد ماهر...

لكن ما علاقة قصتنا هذه بالسياسة السورية؟ و كيف يمكن لقصتنا هذه أن تبرهن أن سوريا ستنتصر دائما و أبدا لأن سوريا الله حاميها؟ و ما علاقة وليد جنبلاط و الجنرال ميشال عون بقصتنا هذه؟ و هل تزوجت بنت جيراننا الحلوة أم أنها ما زالت تنتظر عودتي؟ و ماذا ستطبخون هذا المساء؟ و ما هو سر الوجود و لم لا يكون العدم؟ و ماذا كان الله يفعل قبل أن يخلق الوجود؟

كافة هذه الأسئلة الفلسفية العميقة سنجيب عليها لاحقا.

و للإجابة على الأسئلة الفلسفية العميقة التي طرحناها نقول ما يلي...

أما عن بنت الجيران و هل هي ما تزال تنتظرني... فلئن صح ذلك فهي حتما حمقاء و أنا لا أرغب بفتاة حمقاء...
و أما عما كان يفعله الرب قبل أن يخلق الوجود، فنطالبكم أن تتوجهوا بالسؤال لصاحب العلاقة، يعني الله سبحانه و تعالى...
و أما عن (إلخ يعني...).
و أما عن أن سوريا ستنتصر دوما و عن علاقة ذلك بوليد جنبلاط و بميكائل عاوون... فنحن نقول:

ليس السياسي البارع هو من يضع خطة سياسية بارعة تضمن له النصر، لكن السياسي البارع هو من يضع خطة سياسية بارعة تضمن له النصر مرات عديدة.

بمعنى: يتوجب على السياسي البارع أن يضع خطة سياسية تتضمن هدفه الأول، فإن فشل فيه فهي تتضمن هدفه الثاني، و إن نجح فيه فهي تتضمن هدفه الثالث، و سواء تحقق هدفه الثاني أو الثالث أو الأول، فيجب أن تتضمن الخطة هدفه الرابع...

هذه هي الممارسة السياسية البارعة: النظر لكل الإحتمالات و وضع خطة ماكرة تضمن تحقيق أكبر عدد من الأهداف بأقل كمية من التكاليف...

فنعود إذن لأيام مطالبة جماهير "الحئيئا و الإستئلايل" بطرد الجيش السوري المحتل من لبنان، و مطالبتهم الجانبية بإطلاق سراح المظلوم سمير جعجع و بعودة الطريد ميشيل عون... و أذكركم أن من بين من كان يطالب بذلك كانت جماهير وليد بيك جنبلاط...

و من ثم أذكركم أنه في تلك الأيام كان البرلمان اللبناني يمتلك أكثرية موالية لسوريا، كان رئيس جمهورية لبنان هو إميل لحود -صديق سوريا- و كان رئيس وزارتها هو عمر كرامي -صديق آخر لسوريا.

يعني كانت سوريا تمتلك أغلبية من الأصدقاء: في البرلمان، في الوزارة، و في رئاسة الجمهورية.

و كان هناك لبنانيون يطالبون "بإذلال" سوريا عن طريق إطلاق سراح عدوها -سمير جعجع- و عن طريق استعادة طريدها -ميخائيل عون.

فماذا فعلت سوريا؟ و كيف يتضح أن الفرق بين السياسة السورية و "السياسة" بتاعة السياسيين اللبنانيين هي كالفرق بين أنشتاين و جحا؟

يتبع..